كانت الداخلة ليلة الخميس 7 أكتوبر 2010 على موعد مع كارثة بيئية خطيرة لم تعرفها شواطئها النظيفة من قبل، حيث عرف الشاطئ المسمى : PLAYA JIRA بالجزء الجنوبي الساحلي من المدينة قذف أعداد هائلة من أسماك السردين النافقة.
هذه الظاهرة دفعت فعاليات المجتمع المدني و المهنيين من تجار السمك بالتقسيط و الجمعيات المدافعة عن البيئة و المحافظة على الثروات و بعض المواطنين الغيورين إلى التوجه على وجه السرعة إلى مكان الحادث ليلا للوقوف عليه و تقييم الأضرار و تحسيس السلطات المحلية بخطورة الموقف.
و رغم أن التلفزة الجهوية للعيون لا تدع نشاطا مهما كان بسيطا و ذا أهمية متواضعة إلا و تقوم بتغطيته ، لكنها غابت أو غيبت لأسباب مجهولة ، و يبدو أنها اختارت سياسة النعامة بطمر الرأس خوفا من استغلال الحدث من طرف خصوم وحدتنا الترابية المنادين "بالدفاع عن ثروات الصحراء الغربية"، لكننا نؤمن بأن أي ظاهرة مهما كانت متطرفة أو جارحة أو طابوها من الطابوهات تستحق منا أن نعطيها حقها من الدراسة و التحليل من أجل تجاوز الأخطاء و الخروج بحلول تفيد الوطن و المواطن بعيدا عن المزايدات السياسية الرخيصة.
فما هي أسباب هذه الكارثة البيئية؟ و ما هي الحلول المقترحة من طرف المهنيين و الجمعيات المهتمة بحماية البيئة و المحافظة على الثروات؟
يرى السيد العلوي سيدي المامي نائب رئيس جمعية "خليجي لحماية البيئة و التنمية المستدامة" بأن هذه الظاهرة تعود إلى بداية شهر رمضان الأخير و قد تمت ملاحظتها بعدد من الشواطئ بالجهة، و تعود إلى الاستغلال المفرط و غير القانوني للثروة السمكية.
ففي الوقت الذي تفرض فيه مديرية الصيد البحري على ملاك قوارب الصيد الساحلي بالشبكة كوطا تقدر ب: 40 طن للقارب الواحد، فإن السمك يتعرض للرمي مرتين، المرة الأولى عند إفراغ الشبكة بعنبر القارب و رمي باقي السمك المصطاد بعرض المحيط ، و المرة الثانية تتمثل في رمي كميات تتراوح بين طن وثلاثة أطنان من السمك المتبقي بقعر العنبر وهو الذي يسمى بلغة البحر و البحارة " الريسطو le resto " و التي لا تصلح إلا لدقيق السمك ، حيث جرت العادة أن تمنح ك"فقيرة" للبحارة و العمال المكلفين بتحميل السردين إلى شاحنات نقل السمك، و يتم شراؤها من طرف تجار السمك بالتقسيط مما يخلق دورة اقتصادية تستفيد منها عائلات كثيرة بالداخلة ، لكن تم منع بيع هذا النوع من الأسماك و إلزام القوارب برميه في البحر.
و يضيف السيد العلوي سيدي المامي كمدافع عن البيئة :" واك واك آ الحق الثروة كتضيع و البيئة كتضيع"، و يدعو الجهات المسؤولة إلى وقف الصيد إلى حين إيجاد حل لهذا المشكل.
أما تجار السمك الصغار بميناء الداخلة فقد كان له موقف مختلف و الذين قرروا مراسلة السيد الوالي في الموضوع ، فحسب السيد الوالي علمي علي أحد تجار السمك و السردين بالتقسيط فإن المشكل يعود إلى عدم وضع قانون ينظم شراء ما يسمى :"الفقيرة" بميناء الداخلة رغم أن الممارسة العرفية تخلق القاعدة القانونية ، فضلا عن أن هناك خلافات بيروقراطية بين اختصاصات مديرية الصيد البحري و المكتب الوطني للصيد بميناء الداخلة يذهب ضحيتها المهنيون و الثروة السمكية .
و يرى آخر بأن منع شراء " الفقيرة" بميناء الداخلة سيحرم خزينة الدولة من مبالغ طائلة هي في أمس الحاجة إليها ، فتصوروا معي أنه يوميا تغادر الميناء ما يقارب: 20 شاحنة متوسطة الحجم من نوع: MITSIBISHI CANTER ، تدفع للمكتب الوطني للصيد كرسم مبلغ: 1500.00 درهم ، أي مبلغ : 3000.00 درهم يوميا ، أي مبلغ : 900000.00 درهم شهريا ، وهي مبالغ ستساعد في تزويد الميناء بمرافق يفتقر إليها كالمرافق الصحية (مراحيض عمومية) مقهى و مطعم و مسجد للصلاة و تبليط أرصفة الميناء التي تصبح عبارة عن برك من الماء الممزوج بدم و زيت السردين كلما رست بها القوارب من أجل تفريغ حمولتها.
و رغم أن مرسى المغرب MARSA MAROC و الوكالة الوطنية للموانئ ANP تربطها عقود مع شركات خاصة للأمن و النظافة ، فإن دورها يكاد يكون معدوم ، و قد أثار انتباهنا تواجد بعض الأشخاص من "جمعية الولاء للحفاظ على البيئة و الثروة السمكية " يقومون بشكل دائم بتنظيف الأرصفة ، مما يدفعنا للتساؤل عن دور شركات التنظيف العاملة بالميناء وعن الوضع القانوني لتواجد أفراد هذه الجمعية بالميناء ، و ما هي الإجراءات المتخذة في حالة وقوع حادث سقوط أو غيره لأحد أفرادها ؟
و في نفس السياق علمنا من مصادرنا الخاصة أن السيد الوالي حميد شبار فور علمه بكارثة الأسماك النافقة بالشاطئ المذكور أرسل على وجه السرعة لجنة خاصة من أجل الوقوف على الحادث وعلى حجم الأضرار وتجاوز مسببات الحادث.
و إلى حدود يوم كتابة هذا المقال فقد تم فتح قنوات الحوار بين المهنيين و الجمعيات و مسئولي القطاعات الوصية من أجل الخروج بحل توافقي يرضي المهنيين و يحافظ على الثروة السمكية ، و يبدو أن هناك مؤشرات إيجابية تلوح في الأفق لحل هذا المشكل، فمزيدا من التجند واليقظة للدفاع عن الاستغلال الأمثل للثروة السمكية و رفقا ببيئتنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق