الاثنين، 8 نونبر 2010

إلى محمد فال ولد القاضي هل غيبكم رئيس مجلس الوزراء؟؟

جميل سيد محمد فال أن تكتب عن تاريخ المتطوعين الموريتانيين في البوليساريو وحقا ليسوا بالقليل ولا بالخونة ولا الجواسيس المندسين كما ساد الظن من قبل ـ أو هكذا أُريد لنا أن نعتقد ـ ، وهنا لا أستطيع القول إلا أن ما حلّ بهم من تسجين وتعذيب واتهام زورا بالعمالة والخيانة ـ كما أشرت ـ كان كارثة وعارا وظلما وفضيحة وسيئة وخطيئة لا يمحوها الدهر ولا ينساها الذاكر ولا يرضاها الضمير ولا يغفرها الله ما لم يغفرها المظلوم وهيهات.
ونحن ـ الجيل الجديد ـ الذي إن شاء الله سيرث تلك الخطيئة، لا قَولَ لنا إلا" تلك أمة قد خلت" مع أننا ورثنا وزرا ثقيلا.
وجميل كذلك رد الذاكرة إليهم وإنصافهم والتحذير من تغييبهم أو نسيانهم أو تناسيهم أو بخس فضلهم ـ لاسيما أصحاب المنظومة التعليمية ذوي المنة علينا في ما وصلنا إليه ـ وقد كنت أنت منهم.
إلا أنني في هذا المقام أود أن أُنصف كذلك الأب القائد محمد الأمين أحمد رئيس مجلس الوزراء كما يحلو لك مناداته، فأقول: كلاّ لم يغيبكم الرجل وما أراد، وما ذلك له بخُلُق، فهو إنما أراد تصحيح بعض ما جاء في شهادة صاحبكم عن البوليساريو واتصالاتها بأهل السياسة في موريتانيا، فقدم روايته عن بداية الاتصالات وبداية المتطوعين في تلك الفترة التي لم تزل فيها البوليساريو فتية، ولم يعنِ هذا أنه نسي أو تناسى المتطوعين تباعا بعد ذلك، إنما كان يتكلم عن أول المتطوعين لا كلهم.
فأمعِن جزيت بالخير في المقال مرة أخرى وأنهاك عن الخوض في كيف تطوعوا ولمَ تطوعوا فالكل يعلم ومحمد الأمين يعلم أنكم إنما نصرتمونا من الظلم لقناعاتكم العميقة بأننا أشقاءَكم وأهلكم تداعت أجسادكم بالحمى لما اشتكينا فلله دركم.

أما ما حل بكم بعد ذلك من ظلم على أيدينا للأسف فهو يؤلمنا ويؤلمني ويؤلمكم ويؤلم محمد الأمين أن يرى إخوانه الذين نصرونا ووضعوا أرواحهم بأكفنا يخوّنون ويهانون ويسجنون ويعذبون ويموتون.

وهنا أسرب لك أن محمد الأمين قد عارض بشراسة المسؤول المباشر عن اتهامكم بالخيانة وأنكر عليه ذلك حتى تحول الأمر إلى مسألة شخصية وكًرهٍ في الله بينهما (ولقد فر هو إلى المغرب، أعني المسؤول عن الأمن وقتها).
ولا أعتقد وأنت أدرى أن ذكرها يصلح إلا في مقال مستقل لا في الرد على مقال محمد الأمين، لأنه والله أعلم ذاك ذِكر وهذا ذِكر. وعليه لم ينسكم محمد الأمين وإنما أراد التوضيح.
أما الخبر الذي ذكرته أنه جرحك بقوله أفضل الموسيقى الإسرائيلية على الموريتانية... فلا نصدقك ولا أصدقك.
فمحمد الأمين عاشر موريتان وعشقها وتعلم منها وله بنو عمومة هناك قد تعلمهم أنت سيد محمد فال وكان كثير التردد عليها ويستهويه السفر إليها ويستحلي الحديث عنها ويطربه فنها حتى قيل عنه ما قلت في مقالك.

es un mauritano
ولقد كان يهوى بلا شك سدوم والشيخ وسيداتي والخليفة وتطربه ديمي وغيرهم وكان كل سفر عنده إلى هناك بشريط (بنض). وكان يكثر الاستماع إلى (الهول) في وقت انصرف أقرانه إلى الموسيقى الشرقية أو الأغاني النضالية قليلة الذوق تلك.
وأما أن يقول ما نسبته أنت له في حضرتك وفي وجهك ويعلم أنك موريتاني وأنك ستستاء منه وكان مثلك الأعلى كما قلت وهي كلمة شديدة الوقع وبالغة الإساءة وهو محمد الأمين الذي بشهادتك لا يتكلم قبل أن يزن كلامه وهو يتكلم إلى موريتاني وبنو عمومته موريتانيون، فلا أعتقد إلا أن الأمر اختلط عليك فليس ذاك محمد الأمين.
وإن كان ما تقوله صحيحا فأنت لم تحترمه كما قلت في بداية المقال فلا يمكن أم يبقى الاحترام والتقدير ما بقي في النفس منغص. اللهم إلا إن كان الاحترام في بداية المقال تهكما. وإن صح ما تقول أيضا فهم أهله وهو أدرى بما يقوله فيهم. وظني فيك أن الأمر اختلط عليك فليس محمد الأمين من يسيء بهذه الطريقة الغبية لذلك (لا تكرظ النا فمحمد لمين يعطينا ويعطيك العافية).
وختاما أرجو أن لا أكون قد أسأت إليك فإنما أردت توضيح ما قد فهمت أو التبس عليك في أن رئيس مجلس الوزراء غيبكم، وهو لم يفعل، لذا أتمنى عليك أن تمعن في المقال مرة أخرى ودقق في النظر وتكلم بعدها بإنصاف وعدل. والسلام.

عن موقع احداث نواقشوط

رجم بالغيب

  جميل منك سيد محمد يسلم أن تعترف بأن ما حل بالمتطوعين الموريتانيين على يد قيادة البوليساريو كان سيئة وخطيئة لايرضاهما أي ضمير حي ، وانك وجيلك ستــــــــرثون أوزار القوم  وان كانت ثقيلة ، لكن الأجمل في مقالك الذي نشره موقع أحداث انواكشـــــــــــــــوط  " حصريا" هو دفاعك عن الأب القائد محمد الأمين احمد دفاعا أراه يستحق اكثرمنه لو كـان تعرض لهجوم يهدده – لا قدر الله – ومع ذلك فقد اجد ت،لكني لا اخفي عنك أنني قرأت بين السطور– وقد أكون مخطئا – شيئا من الرجم بالغيب لي شخصيا لا أجد له مبررا وإلا كيف تفسر قولك  بان احترامي له  كان تهكما ؟ وذلك لعمري كلام ثقيل الوقع على نفسي لأنه يجافي الحقيقة التي اعرفها في نفسي اتجاه رجل احترمه ولم اقل في حقه ما يتعارض معها ، لذلك أرجو أن يتسع صدرك لملاحظاتي حول " دفاعك " عمن اعتقد أن آخر ما يحتاجه هو الدفاع  عنه إن تعلق الامر بالكلمة والقلم ، فلا أنا ولا أنت تستطيع أن نصل شسع النعل بما نخطه من كلام يعتبر تلعثما وتأتأة إن تكلم أو كتب محمد الأمين احمد .
هذا إن كان الهدف من مقالك ـ كما أشرت ـ هو إنصاف الأب القائد ، أما إن كانت هناك مآرب أخرى فإنه يصعب ( الكرظ بيني وبين ) من أكن له من الاحترام ما عبرت عنه ـ غير مجبر ـ في ردي على مقاله حول علاقة البوليساريو بالحركة الوطنية الموريتانية ، وحتى لا ( تحيك الكرظ ) دعني أسرب لك مثل ما سربت لي ـ مشكورا ـ بأنه برسالة من محمد لامين أحمد تم إخراجي من السجن هيكلا عظميا ، ولإخفاء جريمتهم عمد الجلادون لإخلائي إلى مركز للوقاية جنوب مدرسة 12 أكتوبر من أجل أن أسترد عافيتي وليلقنوني أكذوبة جديدة أقول بموجبها أني كنت في المقاطعة السادسة (B6 ) أعد برامج تعليمية لكتائب الصاعقة رفقة شخص أمقته مقتي لكل الجلادين ، ترقى " بفضل " تقاريره الكاذبة عن الأبرياء من معلم فاشل إلى مدير ثقافي في إحدى أهم المدارس ثم إلى أمين عام لوزارة التعليم والتربية ولا أريد ذكر اسمه الذي ينتهي بوصف : " مدلّس أو دلاّس " . كما أسرب لك بأن محمد لامين أحمد هو المسؤول الوحيد في قيادة البوليساريو الذي دخلت خيمته في مخيم " الحكونية " مثل ما أدخل أية خيمة من خيام الصحراويين ودعاني هو نفسه لأشرب معه الشاي كما أشربه مع أي صحراوي عادي ، وأنه كذلك المسؤول الوحيد الذي دعاني ذات مرة لأزاحمه على الكرسي مع سائقه في مقصورة " لاندروفير " حتى لا أركب وحدي في مؤخرتها ، وفوق كل هذا هو من أعطاني الإذن بالرجوع إلى بلدي وأهلي بعد أن خصني بالوداع من بين كل المسافرين معي والذين فاق عددهم 140 شخصا .
       أبعد كل هذا سيد محمد يسلم تراني جحودا حتى أتنكر لذكرياتي مع رجل كنت أرى وقار أعز أعمامي وحنان أمي وصرامة أبي فأتقول عليه الأقاويل ؟ .
أنا لا أنكر عليك القول بأنك لم ولن تصدقني فيما نسبت للأب القائد ، لكني على يقين من أنه هو لن يفنده إلا إذا كانت الذاكرة قد خانته ، وذلك لما عرفت فيه ـ قبلك ـ من صدق وقوة شخصية ، وأعتقد أنك من التبس عليه الأمر وذهبت إلى ما ذهبت إليه ، فلو لم يكن الكلام صادرا عن محمد لامين أحمد ـ بقصد أو عن غير قصد ـ ما كنت أضعت نقطة من حبر في الرد عليه، فكم من تجريح وكلمة سوء سمعتها وسمعها غيري من الموريتانيين حتى من مسؤولين ربما يعتبرون أنفسهم فوق الجميع ولم أرد عليهم لأني أعتبرهم نكرات إذا ما قرنتهم به ، فأنا بذلك كأنما أترجم قصة الرجل الذي حكم عليه بالرجم فعاده صديق حميم له يسأله عن حاله بعد تنفيذ الحكم فرد عليه :إن أشد ما آلمني هو تلك " البعرة " التي رميتني بها يا صديقي ، فقال الصديق كيف آلمتك ولم يؤلمك ما رماك الناس به من حجارة ؟ فرد عليه بمرارة : لأني لم أكن أتوقعها منك ! .
كذلك أنا لم أكن أتوقع من محمد لامين أحمد أن يصدر منه ما صدر ، ليس لأن أبناء عمومته في موريتانيا ـ كما ذكرت أنت ـ إنما للقدوة التي كنت أراها تتجسد فيه ، ولن تصدق أنني إلى حين كتابة هذه الأسطر لا أعرف من أي قبيلة هو ، وأني لو عرفت ما زاد ذلك وما نقص من احترامي له لأن هذا الاحترام نابع من صفات يتمتع بها هو وليس مرتبطا بانتماء معين ، قبلي كان أو جهوي .
  ولقد أثار انتباهي التناقض المبطن بين قولك بأنه كان يرد على " صاحبنا " وبين القول بأن الموريتانيين أهله وهو أدرى بما يقول عنهم ، فأرجو أن تنتبه لكلامك لأن العربية مثل الحسا نية " مسمومة " .
       وعن مسألة التغييب التي استأثرت بحصة الأسد في مقالك فلا أدري كيف تتجسد بالنسبة لك إلم تكن تجاهل مأساتنا كل هذا الوقت وعند الحديث عن المتطوعين الموريتانيين يقتصر الأمر على ثلاثة أشخاص بدل اثنان منهما قناعتهما ؟ . أما دعوتي للإمعان في المقال من جديد فإني أعتبرها دعوة للإجترار ولا أظنني من ( ... ) المجترة فلقد قرأت المقال عشر مرات متتالية قبل محاولة الرد عليه فوجدت أن الجملة التالية منه لم تتغير في أي من "قراءاتي " العشر : " وفي هذا السياق أريد أن أشير إلى أن أول المتطوعين الموريتانيين كان من التيار البعثي " ، انتهى الاستشهاد .  في كل مرة كنت أتساءل أين الآخرين لكني لم أعثر على الإجابة في طول المقال وعرضه .
    إن محاولة تصويري كمن يهاجم الرجل الذي أعتبره قدوة لخلقه الكريم في مكان وزمان تحلل فيهما بعض أقرانه من ذلك الخلق إنما هي محاولة صيد في الطين وليس في الماء العكر حتى وإن كانت بهذا الأسلوب المتحضر الراقي الذي استعملته يا سيد محمد يسلم ، وإني لأدعوك مثل ما دعوتني للإمعان مرة أخرى في مقالي وأن تحاول عد المرات التي أسأت فيها الأدب على أخي الأكبر ومعلمي محمد لامين أحمد ، وستعرف ساعتها أنك إنما انطبق عليك المثل الحساني " الدخول بين الكشرة والعود " .
       إن احترامي وتقديري للأب القائد لا يعني أنني لا أستطيع أن أعتب عليه كلما رأيت ذلك مناسبا لعلمي ـ قبلك أيضا ـ أنه ليس متحجرا مثل رجال هناك أعرفهم وتعرفهم أنت حولوا أنفسهم لآلهة من حجارة ، بل كان ديمقراطيا حتى قبل أن تتشكل رياح الديمقراطية التي لم يستطع تيارها أن يصل إلى هناك ، وهنا يحضرني موقف أورده حتى لا يقال بأن إطرائي في الثناء على الرجل نفاق أو " تحزار " كما كانت العادة تجري وأنت تفهم ما أعني .
       ففي مدرسة 27 فبراير كنت ضمن اللجنة التحضيرية لمؤتمر اتحاد النساء الصحراويات وكان محمد لامين رئيسها ، ولأنه كان صارما في العمل على تواضعه فقد فرض علينا الالتزام بالوقت وكنا نعتب عليه كلما تأخر نتيجة ارتباطه بالمهام الرسمية فلم يكن يزيد على الاعتذار ويخاطبنا ممازحا : غدا لن أسامح أحدا منكم إن تأخر .
       هكذا كنت أرى محمد لامين وأظنه ما زال كذلك لذا لن أتردد في العتب عليه ليقيني بتفهمه لما أقول، فلا تحاول جزاك الله خيرا ( الدخول ) بيني وبينه حتى لا ( نظايكو أعليك ) .
وهناك أشياء أخرى وردت في مقالك استوقفتني لعدم وجود مسوغ لإدراجها في الموضوع فنحن لم تدع يوما أن ماحل بنا حل على ايديـ (كم) لأننا نعرف جيدا تلك الأيادي الوسخة التي بطشت بنا ولا نحمل وزرها إلا لأصحابها كما أننا لسنا يهودا ولستم الألمان حتى نحمل وزارة وزر أخري .
وفي الختام لك تحياتي الصادقة وأرجو ألا تؤاخذني بغير اللائق من كلامي  وقد أرفقت لك ولكل القراء الكرام روابط  المقالات السابقة عل أحدكم يقرأها بتأن ويخرج منها باستنتاج غير الذي خرجت به سيد محمد يسلم
     

  محمد فال ولد القاضي
الأمين العام لجمعية ذاكرة وعدالة
   هاتف : 002222213776
memoireetjustice@yahoo.fr

المنقذ من الضلال

رشيد نيني - raninyster@gmail.com

بين الصور الرائعة الماثلة في ذاكرة جيل السبعينيات حول الخيام التي نصبها المشاركون في المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء والتي كان ينقلها بالمباشر تلفزيون ذلك الزمان، والصور القادمة من العيون لخيام النازحين المطالبين بالحق في السكن والعمل والتي تنقلها الصحف اليوم، فرق شاسع.
ما الذي حدث في العيون حتى تناسلت الخيام في ضاحيتها وأصبح للنازحين مخيم وملف مطلبي، شهرا قبل احتفال الشعب المغربي بالذكرى الخامسة والثلاثين لانطلاق المسيرة الخضراء؟
الجواب عن هذا السؤال قد يبدو سهلا في ظاهره، لكنه في العمق يخفي صراع قوى خفية وأخرى ظاهرة، تدور رحاه فوق كثبان الرمال المتحركة.
إن أوتاد هذه الخيام، التي انتشرت مثل الفطر في ضاحية العيون، مربوطة في مدريد. وكل من سيحاول اقتلاعها دون حل خيوطها المشدودة إلى هذه الأوتاد، سيفشل حتما.
ولعل وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري، عندما ذهب إلى مدريد من أجل الجلوس إلى وزيرة الخارجية الإسبانية المعينة حديثا مكان المنافق «أنخيل موراتينتوس»، فهم أخيرا أنه من أجل اقتلاع مخيم العيون لا بد، أولا، من فك خيوط الخيام من معقلها.
الرجل، الذي يعرف «الربطة الزغبية» والسرية التي ربطت بها مدريد خيام النازحين بالعيون، ليس شخصا آخر غير خليهن ولد الرشيد، رجل إسبانيا التاريخي الذي تكوّن ودرس في معاهدها وتدرب على السياسة في حزب «الوحدة الوطنية للصحراوية» أو ما يسمى «البونس»، والذي خلقته إسبانيا على مقاسها سنة 1974 وأشرفت عليه مخابراتها.
عندما ظهر مخيم النازحين في العيون إلى الوجود وبدأت أولى الصور الجوية تصل إلى الرباط، عوض أن يستقل ولد الرشيد الطائرة ويذهب إلى العيون للجلوس إلى شيوخ القبائل ويبحث معهم عن حل للأزمة، استقل أول طائرة ذاهبة نحو روما حيث جلس يراقب من هناك الخيام وهي تتناسل يوما بعد يوم.
ففي العيون، كما في كل مناطق المغرب، هناك طبقة من المسحوقين اجتماعيا لديها استعداد فطري، ومشروع، للاحتجاج من أجل المطالبة بتحسين وضعها الاجتماعي. وهذا الخزان الاجتماعي القابل للانفجار وجد فيه الراغبون في استعراض القوة مناسبة سانحة للظهور إلى العلن.
فمن هي، إذن، هذه الجهات التي تشارك في استعراض القوة هذا، ولمصلحة من؟
للإجابة عن هذا السؤال، يجب العودة قليلا إلى الوراء، وبالضبط إلى الانتخابات الأخيرة التي عرفت صراعا مريرا بين خندق الصحراوي خليهن ولد الرشيد، ممثلا في أخيه حمدي ولد الرشيد رئيس المجلس البلدي للعيون، ومرشح صحراوي آخر اسمه الشيخ بيد الله عن حزب الأصالة والمعاصرة.
ولأن حزب الأصالة والمعاصرة استعمل من أجل «غزوه» للمدن والبلديات سلاح «التطهير»، ملوحا نحو «خصومه» السياسيين بتقارير الداخلية حول الفضائح التي تورطوا فيها خلال تسييرهم للمدن التي «حمر» الهمة عينيه فيها، وبما أن هذه «السياسة» نجحت في مدن كثيرة كمراكش والدار البيضاء والرباط وطنجة وغيرها، فقد حاول حزب الأصالة والمعاصرة تكرار السيناريو نفسه في العيون ضد حمدي ولد الرشيد.
وتزامن هذا الصراع السياسي مع وصول لجنة من الداخلية للتحقيق في ملفات تفويت أراضي الدولة من طرف رئيس المجلس البلدي إلى مقربين من عشيرته.
هكذا فهم والي جهة العيون الجديد، محمد جلموس، الذي نزل إلى الصحراء قادما إليها من عمالة قلعة السراغنة التي هي أيضا قلعة الهمة، أن دوره كممثل لسلطة الداخلية في العيون هو إنجاح الخريطة السياسية الجديدة في المدينة و«تحريرها» من قبضة آل ولد الرشيد.
خليهن وحمدي ولد الرشيد فهما مرامي هذا المخطط منذ اليوم الأول لرسمه في صالونات الرباط، وتشمما بحدسهما الصحراوي أن الرمال ستتحرك من تحت أقدامهما بسبب العجلات الفولاذية لهذا «الجرار» القادم من الرباط والذي يغامر باقتحام رمال الصحراء التي ظلت دائما حكرا على الجمال والنوق.
ما لم يفهمه الشيخ بيد الله، ومعه الأدمغة المفكرة داخل حزب الأصالة والمعاصرة، أن الاصطدام بخليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراء، يعني بالضرورة الاصطدام بمدريد ومصالحها في المنطقة التي لازالت تعتبر نفسها معينة، «أمميا» بشؤونها.
 
فبالإضافة إلى كون خليهن حاملا لجواز السفر المغربي فهو أيضا، وإلى جانب أعضاء كثيرين في المجلس الذي يترأسه، يحمل جواز السفر الإسباني.
انتهت الانتخابات وفشل الشيخ بيد الله في وضع مرشحه محمد الشيخ الركيبي على رأس بلدية العيون، واستمر حمدي ولد الرشيد في منصب الرئاسة باسم حزب الاستقلال. والحقيقة أن تزكية حزب الاستقلال ليست سوى يافطة، فحمدي ولد الرشيد كان سينجح في الانتخابات حتى ولو ترشح باسم أتفه حزب في المغرب.
لكن حمدي وخليهن يؤمنان بالحكمة المغربية القائلة «اللي رد دقتو فعام زرب». ولذلك فقد جلسا ينتظران الفرصة المناسبة لإغراق «الشقف» لهذا الجرار الفولاذي الذي جاء يحرث كثبان الصحراء، بعدما نجح في حرث سهول الشاوية وجبال الريف وهضاب مراكش.
وبما أن ملف الخروقات في توزيع الأراضي كان هو «حصان طروادة» الذي حاول بواسطته الشيخ بيد الله غزو بلدية العيون، فإن مطالب نازحي مخيم العيون تمحورت بالضبط حول توزيع الأراضي، وكأن هناك من يوشوش مبتسما بسخرية «باش قتلتي باش تموت».
لكن، هل يكفي حل مشكل السكن والشغل بالنسبة إلى النازحين في مخيم العيون لكي يفكوا خيوط خيامهم ويجمعوا متاعهم ويعودوا إلى بيوتهم في العيون؟
ألا توجد وراء الخيام مخططات دبرت في السر داخل دهاليز قصر المرادية بالجزائر وقصر «المونكلوا» بمدريد لإنشاء تندوف جديدة في قلب المغرب هذه المرة؟
كل هذه الأسئلة تبقى مشروعة بالنظر إلى لعبة ليّ الأذرع التي يلعبها المتصارعون في ضاحية العيون، منتظرين أن يحسم عامل الزمن المعركة لصالح من يصمد أطول.
وفجأة، يظهر خليهن ولد الرشيد، بصفته رئيسا للمجلس الاستشاري لشؤون الصحراء، لكي يطالب الشيوخ بالتدخل لدى أفراد قبائلهم لسحبهم من المخيم، وتتناقل الصحف خبر «تدخل الكوركاس لتفكيك مخيم النازحين».
هكذا، يطفو خليهن ولد الرشيد إلى السطح بعد أن تحصن بالصمت طيلة أطوار هذه الأزمة، معطيا الانطباع بأنه الوحيد الذي يعرف أسرار حل رباط الخيام الذي أوثقت أطرافٌ خارجية عقدته بضواحي العيون.
إنها إشارة قوية من خليهن إلى أن «المجلس الاستشاري لشؤون الصحراء»، الذي ظل يرأسه منذ 2006 والذي ظنه الجميع محارة فارغة، ليس كذلك، بل إن المجلس نسخة طبق الأصل لوزارة «الشؤون الصحراوية» التي كان يحمل حقيبتها ولد الرشيد أيام الحسن الثاني والتي عندما انتزعت منه، بعد فشله في انتخابات 1991، تحصن بالصمت ذاته الذي تحصن به منذ اندلاع أزمة مخيم النازحين.
وليس صدفة أن خروج خليهن ولد الرشيد إلى العلن واجتماعه بشيوخ القبائل الصحراوية، لفك أزمة نازحي المخيم، جاءا بعد رفض ممثلي نازحي المخيم الجلوس إلى طاولة الحوار مع ولاة الداخلية الثلاثة، الإبراهيمي وبوفوس وطريشة، الذين جاؤوا من الرباط، على عجل، بعدما ظل زميلهم الوالي جلموس يتفرج على الخيام الأولى وهي تنمو دون أن يبادر إلى حل المشكل في بداياته
ولعل السؤال المحير الذي يطرحه الجميع اليوم هو لماذا لم يتحرك الوالي جلموس منذ غرس أوتاد الخيمة الأولى في مخيم «أكديم إيزيك»؟ لماذا لم تنتبه الداخلية إلا والمخيم يمتد على مدى البصر، متى نبتت كل هذه الخيام، ومن أين مر كل هذا العتاد اللازم لبناء المخيم، وكيف لم تنتبه الداخلية إلى هذا «الورش»، مع أنها تعودت على استنفار عناصر القوة العمومية لمجرد حمل لافتة احتجاجية، فبالأحرى بناء مخيم احتجاجي بكامله؟
لهذه الأسباب مجتمعة، فالخيام المنصوبة في ضواحي العيون لا تحتمل قراءة واحدة. صحيح أن المطالب التي يرفعها النازحون اجتماعية صرفة، لكن المستفيدين من «ما وراء المخيم» لا تحركهم بالضرورة مطالب اجتماعية بقدر ما تحركهم مصالح سياسية إقليمية وجهوية وقارية.
بالنسبة إلى خندق ولد الرشيد فرسالته واضحة، يجب ترك الأمور على حالها في العيون، لأن تغيير اللاعبين سينتج عنه تغيير قوانين اللعبة.
أما بالنسبة إلى إسبانيا، فمطالبها أيضا واضحة ولا غبار عليها. ففي كل مرة يكون هناك اتفاق بين المغرب وإسبانيا موضوعا فوق الطاولة، تندلع أزمة في الصحراء. وقد رأينا كيف أدارت إسبانيا ملف اتفاقية التبادل الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوربي بمكر وهي تضغط على الاثنين معا بمسرحية اسمها «أميناتو». والشيء نفسه يحدث اليوم مع اقتراب توقيع اتفاقية الصيد البحري.
أما الجزائر فلعبها أصبح مكشوفا، وقد أكد ذلك استقبال وزير الخارجية الجزائري لسفراء بلاده قبل يومين وإخبارهم بأن الصحراء أولوية الأولويات بالنسبة إلى عملهم الدبلوماسي، يعني أن شغلهم الشاغل يجب أن يكون هو وضع المزيد من الحصى في حذاء المغرب.
وكل هؤلاء اللاعبين فوق الكثبان الرملية لديهم هدف واحد من وراء خلق الفتنة في الصحراء، وهو إشعار الرباط بأهميتهم كأوراق مركزية في اللعبة.
ثم هناك الباحثون عن البطولة، أولئك الزعماء الذين سقطوا مع الأمطار الأخيرة، والذين استطابوا عادة إضرام النار قبل المسارعة إلى إطفائها لإقناع مراكز القرار بضرورة وجودهم لحل المشاكل المستعصية.
ماذا لو أدرك هؤلاء أنهم جزء من المشكل وليسوا جزءا من الحل كما يعتقدون؟
·         شوف تشوف

الأحد، 7 نونبر 2010

نص الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 35 للمسيرة الخضراء

ميدلت- وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، نصره الله، مساء اليوم السبت خطابا ساميا إلى الأمة بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين للمسيرة الخضراء المظفرة .
وفي ما يلي النص الكامل للخطاب :

"
الحمد لله،

والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

شعبي العزيز،

نحتفي اليوم، بالذكرى الخامسة والثلاثين للمسيرة الخضراء المظفرة، في التزام راسخ بإضفاء دينامية متجددة عليها ; وذلك من خلال مبادرات تشاركية مقدامة، تجسدها مسيرات تنموية وديمقراطية وحدوية، متواصلة.

وفي طليعتها مبادرة الحكم الذاتي، التي حققت تحولا حاسما، حيث تجاوزت مرحلة الإجماع الوطني، والدعم الأممي والدولي، لتصبح محط تجاوب واسع، وشعلة أمل في قلب مخيمات تندوف.

كما أحدثت قطيعة مع المقاربات، التي أكدت الأمم المتحدة عدم قابليتها للتطبيق، وأطلقت مسارا إيجابيا وواقعيا للتفاوض الأممي.

وبقدر ما تميز موقف بلادنا بالوضوح، وانتهاج الحوار، والتحلي بالواقعية، تمادى خصوم وحدتنا الترابية في التملص من مسؤولياتهم، وفي مناوراتهم المعادية للدينامية الخلاقة، التي أطلقتها مبادرة الحكم الذاتي.

لذا يتعين على المجموعة الدولية أن تحدد، بشكل واضح وصريح، المسؤولين عن عرقلة المسار التفاوضي. وهم خصوم المغرب، الذين يصرون على الجمود والتعنت والانقسام، بدل الدينامية والحوار والوئام.

لقد ولى زمن التملص من المسؤولية، ودقت ساعة الحقيقة، لتكشف للمجتمع الدولي، ما يتعرض له أبناؤنا في مخيمات تندوف، من قمع وترهيب، وإهانة وتعذيب ; وذلك في خرق سافر لأبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني.

وأمام هذا الوضع المأساوي، فإن رعايانا الأوفياء بالمخيمات، رجالا ونساء، شيوخا وأطفالا، ما فتئوا يعبرون عن معارضتهم الشجاعة والمتصاعدة للقهر والاستبداد. وهو ما تجسده، رغم كل قيود الحصار الخانق، عودتهم المكثفة إلى وطنهم المغرب، في تجاوب تلقائي مع مبادرة الحكم الذاتي، ومشروع الجهوية المتقدمة.

وإننا نسترعي انتباه المجموعة الدولية، والهيآت الحقوقية، إلى أنه من غير المقبول، ولا من الإنصاف، التعامل باللامبالاة أو المحاباة، مع استمرار هذا الوضع، الغريب قانونيا، والمأساوي إنسانيا، والمرفوض سياسيا.

كما ندعوها لتحمل مسؤوليتها بوضع حد لتمادي الجزائر، في خرق المواثيق الدولية الإنسانية. ضمن حالة شاذة لا مثيل لها ; ولاسيما برفضها السماح للمفوضية العليا للاجئين، بإحصاء سكان المخيمات وحمايتهم.

وهنا نؤكد أننا لن نتخلى أبدا عن رعايانا الأوفياء بمخيمات تندوف، وأينما كانوا. ولن ندخر جهدا لتمكينهم من حقوقهم الأساسية، في حرية التعبير والتنقل، والعودة إلى وطنهم الأم.

وإذ نعبر عن رفضنا للاستغلال المقيت لما تنعم به بلادنا من حريات، لمحاولة النيل من وحدتها الترابية ; نؤكد أننا لن نسمح، لأي كان، بعرقلة المسيرة الديمقراطية لبلادنا. 
إن المغرب، الذي يمارس سيادته على كامل ترابه، ويلتزم بمسؤولياته القانونية الدولية، دون أي غموض أو التباس، ليستنكر الترويج الكاذب، لوجود ما يسمى بالمناطق "الخاضعة للمراقبة"، شرق الخط الدفاعي، الذي يعرف الجميع طبيعته السلمية، والغاية الحكيمة من ورائه.

ولن تسمح بلادنا بأي خرق أو تعديل، أو تشكيك في مغربية هذه المناطق. أو محاولات استفزازية لفرض الأمر الواقع، أو تغيير الوضع القائم.

والتزاما منه بالشرعية الوطنية والدولية، فإن المغرب، سيواصل التعاون الصادق، مع الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثه الشخصي، من أجل إيجاد حل سياسي ونهائي، لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، على أساس مبادرة الحكم الذاتي.



شعبي العزيز،

مهما كانت التطورات الإيجابية لقضيتنا الوطنية، فإن مواكبة تحولاتها، وكسب معاركها، ورفع تحدياتها، رهين بمواصلة تفعيل محاور الاستراتيجية المندمجة، التي أعلنا عنها، في خطاب المسيرة السابق.

+
أولها : الجهوية المتقدمة، التي أطلقنا ورشها ; والتي ستكون الأقاليم الصحراوية، في صدارة إقامتها ; بما تنطوي عليه من توسيع التدبير الديمقراطي الجهوي، وتعزيز حقوق الإنسان، بآليات جهوية ومحلية، وبما تقتضيه من جعلها في طليعة اللاتمركز.

+
ثانيا : إعادة هيكلة المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ; حيث سنتولى، قريبا إن شاء الله، إصدار ظهير شريف للمجلس الجديد. وسيتم تنصيبه، على أساس الإصلاحات الجوهرية التالية :

*
دمقرطة تركيبته : بجعلها منبثقة ومنحصرة في الهيآت والشيوخ والشخصيات ذات الصفة التمثيلية، وتعزيز انفتاحه على النخب الجديدة، ولاسيما منها المجتمع المدني المحلي، الحقوقي والشبابي والنسوي ; وكذا القوى المنتجة، وممثلي العائدين إلى الوطن، والمقيمين بالخارج.

*
اعتماد حكامة جيدة، من شأنها ضمان عقلنة هياكل وطرق تسيير المجلس.

*
توسيع صلاحياته لتشمل، على وجه الخصوص، المهام التمثيلية والتنموية، والتعبئة الوطنية والدولية، والعمل على تحقيق المصالحة بين كافة أبناء الصحراء المغربية.

+
أما المحور الثالث، المتعلق بإعادة هيكلة وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، فقد اتخذنا بشأنها قرارين :

*
ويهم الأول تحديد نفوذها الترابي في ناحية الساقية الحمراء ووادي الذهب، وتركيز مهامها على إنجاز مشاريع التنمية البشرية، وبرامج محلية موفرة لفرص الشغل للشباب، ومعززة للعدالة الاجتماعية، وتيسير ظروف استقبال ودعم إدماج العائدين.

*
أما القرار الثاني : فيتعلق بإحداث وكالة جديدة مماثلة، يشمل اختصاصها الترابي الأقاليم الأخرى، التابعة حاليا لوكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، وأقاليم أخرى بهذه المنطقة، لمواصلة النهوض بتنميتها ; اعتبارا لما لها من مكانة أثيرة لدى جلالتنا ; داعين الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة لتنفيذ هاذين القرارين.

+
وفي ما يخص محاور هذه الاستراتيجية، المتعلقة بوجوب مواصلة التعبئة الشعبية ودعم الجهود الدؤوبة للدبلوماسية الرسمية، فإننا نؤكد على ضرورة تعزيزها بمبادرات موازية مقدامة، برلمانية وحزبية، وحقوقية وجمعوية وإعلامية، للدفاع عن عدالة قضيتنا.

أوفياء في ذلك لروح مبدع المسيرة الخضراء، والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، ولقسمها الخالد ; مترحمين على أرواح شهداء الوحدة الترابية ; منوهين بالساهرين عليها من قوات عسكرية، وسلطات أمنية وترابية ; سائلين الله تعالى أن يكلل مسيراتنا بالسداد والتوفيق، في سبيل وحدة الوطن، وكرامة المواطن.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته" .