الأربعاء، 3 نونبر 2010

العائدون الجدد : عائدون بقناعة ، أم وافدون ، أم مشاريع لزعزعة إستقرار المغرب؟؟؟

شكلت موجة العائدين مؤخرا إلى أرض الوطن هربا من مخيمات لحمادة الحدث الأبرز مع بداية هذه السنة ، و بالقدر الذي شكلت لدى البعض دليلا على إفلاس الخطاب الانفصالي لدى البوليساريو ودعما للتوجه المغربي الداعي إلى منح حكم ذاتي للأقاليم الصحراوية المتنازع عليها ، نظر البعض إليها بعين الريبة والشك و أنه من غير الممكن أن يتم هذا النزوح الجماعي لهذا الكم الغفير من الشباب والعائلات على مرأى و مسمع من أجهزة أمن البوليساريو و مخابرات سادتها بقصر المرادية بالجزائر، وحسب أصحاب هذا الطرح فإن هناك مخططا لزعزعة استقرار المغرب ، خاصة أن تسعين في المائة من هؤلاء العائدين من الشباب ما بين سن: 18 سنة و 30 سنة .
وبين هذا الرأي سنحاول  أن نستطلع جملة من الآراء من أجل الوقوف على الخلفيات الحقيقية لهذه العودة المكثفة إلى أرض الوطن بعيدا عن منطق التهويل و المزايدات السياسية الرخيصة في سبيل الوصول إلى الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة .
كرونولوجيا العودة إلى أرض الوطن على مستوى المنطقة الحدودية الكركرات فقط:

§        شهر يناير 2010 : 16 عائدا إلى أرض الوطن.
§        شهر فبراير 2010 : 59 عائدا إلى أرض الوطن.
§        شهر مارس 2010 : 121 عائدا إلى أرض الوطن.
§        شهر أبريل 2010 : 169 عائدا إلى أرض الوطن .
§        شهر ماي 2010 : 131 عائدا إلى أرض الوطن .
§        شهر يونيو 2010 : 234 عائدا إلى أرض الوطن.
§        شهر يوليوز إلى غاية 10 منه: 74 عائدا إلى أرض الوطن.
و بذلك يكون العدد الاجمالي للعائدين إلى أرض الوطن على مستوى فقط المنطقة الحدودية الكركرات : 804 عائد ، علما أن أعداد كبيرة تعبر يوميا من الجهة الشمالية الشرقية لحزام الأمني.

يحكي لنا بمبا الحيدب القيادي السابق بجبهة البوليساريو والعائد سنة 1992 إلى أرض الوطن ،
 حيث شغل بعد تخرجه من الكلية العسكرية بكوبا سنة 1986 منسقا عسكريا بالتمثيلية الدبلوماسية للبوليساريو بمدينة وهران الجزائرية، وفي وقت لاحق مكلفا بنفس المهمة بالجمهورية الاسلامية الايرانية ، وفي سنة 1990 منسقا للعلاقات مع المجتمع المدني الاسباني بالتمثيلية السياسية للبوليساريو بمدريد وهو آخر منصب شغله إلى حين عودته إلى المغرب.
بمبا الحيدب الذي يشغل الآن رئيسا لجمعية الجالية المغربية الصحراوية بإسبانيا و رئيسا لشبكة الفضاء الشامل ، والذي خبر دروب سياسة البوليساريو يرى بأن "أفواج العائدين التي التحقت مؤخرا بأرض الوطن ، جاءت تلبية للنداء الملكي السامي الذي أطلقه المغفور له الحسن الثاني وبالتالي فإن الدولة ملزمة بالتعامل بحكمة وتعقل مع رعاياها مهما كانت قناعاتهم السياسية ، و أن هناك جهات تحاول فبركة سيناريوهات لا أساس لها من الصحة ، فاليقظة مهمة من جانب الدولة لضمان الأمن والاستقرار لكن التهويل مرفوض فهؤلاء الشباب الذين هم في أعمار الزهور يجب احتواؤهم برزانة وتعقل لكي لا يتركوا لقمة صائغة تلوكها أنياب الشر الجزائري، فكل عائد اليوم للمغرب هو زائد واحد للمغرب ناقص واحد للجزائر وصنيعتها البوليساريو إذا ما تم وضع إستراتيجية محكمة يساهم الرعيل الأول من العائدين في صياغتها، فالثمرة اليوم ناضجة أكثر من أي وقت مضى تحتاج فقط إلى يد فلاح متمرس و صبور لاقتطافها".
بمبا الحيدب الذي يعكف هذه الأيام على التحضير" للملتقى العالمي حول قضية الصحراء المغربية و مستقبل الأمن الإقليمي بالمنطقة المتوسطية " بمدينة الداخلة أيام: 26 ،27 و 28 من شهر يوليوز 2010 يرى "بأن المغرب مدعو لتحمل مسؤولية تاريخية نيابة عن دول منطقة شمال إفريقيا لاحتواء هؤلاء الشباب و تجنيبهم مخاطر الوقوع في براثن التطرف والإرهاب وشبكات التهريب الدولي للمخدرات التي أصبحت تعرفها المنطقة العازلة و منطقة جنوب الجزائر".
و في معرض تساؤلاتنا عن ظاهرة العائدين الجدد وبحثها عن الحقيقة ستلتقي السيد بمبا ولد عمر الشيخ أحد النماذج الناجحة من العائدين الذين استطاعوا الاندماج بسرعة داخل النسيج الاجتماعي والاقتصادي بالداخلة و شقوا طريقهم بعزم و ثبات داخل العمل الحر دون انتظار مساعدة الدولة.
بمبا ولد عمر الشيخ سليل أسرة معروفة بالصحراء فعمه بابا ولد عمر الشيخ أحد أعضاء الكورتيس الاسباني إبان الحقبة الاستعمارية ، ترك خلفه بالبوليساريو أبناء عمومته ما بين وزير للتعاون و خازن عام للتنظيم و أخ مكلف باللوجيستيك العسكري لهذا الأخير ، لكنها القناعات هي التي تدفع بالإنسان إلى اختيار هذا السبيل أو ذاك.
بمبا ولد عمر الشيخ العائد لتوه من مخيمات لحمادة بتاريخ: 05 شتنبر 2007 هو صاحب شركة للغطس SAHARA PLONGEUR PRO ، رئيس لجمعية وادي الذهب لتعليم السباحة والغطس ، وهو الآن مدير شركة: RIO AGUILA AVENTURE السياحية يدير مخيما سياحيا بمنطقة تروك، راض عن نفسه اليوم وعن خياراته و أنه لم يظل مكتوفي اليدين في انتظار منحة للإنعاش الوطني لا تغني ولا تسمن من جوع.
وحول سؤالنا عن الأسباب التي دفعت هؤلاء الشباب إلى الالتحاق بالمغرب يرى بمبا ولد عمر الشيخ:" أن هذا السؤال لا يخلو من طابع الاستفزاز و ليس من العقل والحكمة طرحه، فلا شيء يدعو لأن يسأل المرء عن سبب عودته إلى وطنه ، فالقهر السياسي و الكذب و طول الانتظار و ضيق الأفق كلها عوامل دفعت الشباب إلى الالتحاق إلى أرض الوطن ، فكلما طال أمد النزاع اتضحت الرؤيا و تأكد للجماهير الشعبية زيف أطروحة القيادة السياسية للبوليساريو، والتي يبدو أنها تريد أن تجعل من اللجوء هو القاعدة العامة والعودة إلى أرض الوطن هو الاستثناء لحاجة في نفس يعقوب" .
أما عن المشاكل والصعوبات التي تواجه العائدين في الاندماج داخل المغرب يرى هذا الأخير أن:"العائدين يشكلون ثروة و قيمة مضافة للمغرب الكثير من مسؤولينا غير واعين بها ، فهؤلاء مجموعة من الإطارات و الكوادر المثقفة ، ذوو تكوينات مختلفة ومتعددة يتميزون بقدرة عالية على العمل و الإبداع، لكن يبدو أن هناك خللا ما في مكان ما يحول دون تفجير هذه الطاقات الواعدة والإفادة منها في تنمية وبناء الوطن".
وفي نفس السياق يقترح السيد بمبا لتجاوز هذه المعوقات "تقديم الدعم المادي والمعنوي للعائد و تشجيعه على المبادرة الحرة والعمل الخلاق من خلال رسم سياسة إستراتيجية واضحة المعالم ، لا تدع مجالا للصدفة و المصادفة تروم الاحتواء الشامل ليس فقط لمجموعة من العائدين لا يتجاوز الألف أو الألفين بل لمخيمات لحمادة ككل ، و إلا فإن الوضع العام سيظل مفتوحا على المجهول".
ومن الفاعل الجمعوي النشيط بمبا ولد الحيدب إلى رجل الأعمال الذي يخطو خطواته الأولى في عالم المال والأعمال بثبات السيد بمبا ولد عمر الشيخ نأبى إلا أن نعرج على قصة العائد البسيط و المتواضع السيد شنان بوحبيني الذي التحق بأرض الوطن رفقة عائلته الصغيرة المتكونة من زوجته و ثلاثة أبناء يوم:01 ديسمبر 2009 ، والذي تحدى حقول الألغام على متن سيارته ذات الدفع الرباعي) التي لازال يتجول بها في مدينة الداخلة بترقيم الجمهورية الصحراوية بسبب بطئ الإجراءات الإدارية(  وذلك من خلال منطقة أكديم الشحم بالقطاع العسكري الفارسية.
شنان بوحبيني اليوم بالداخلة صاحب محل لإصلاح الهاتف النقال و يقوم من وقت لآخر بكراء سيارته للقيام بجولات سياحية للأجانب ، وهو من أنصار المثل الصيني : " لا تعطني سمكة و لكن علمني كيف أصطاد"، لذا يرى" بأن العائدين الجدد طاقات ومواهب تحتاج إلى من يصقلها ويرعاها ويأخذ بأيديها إلى بر الأمان".
و حول سؤال للوطن الآن حول أسباب هذه العودة المكثفة للشباب من مخيمات لحمادة يرى شنان بوحبيني" أنها تعود إلى جملة من الأسباب بعضها سياسي و الآخر مرتبط بالوضع الاقتصادي و الاجتماعي بالمخيمات، فالوضع السياسي بهذه الأخيرة يعاني من الاحتقان بسبب انسداد الأفق السياسي وعدم قدرة الشباب على التغيير و خلخلة القيادة الهرمة للبوليساريو ، هذه الأخيرة بعد استنفاذ سياسة الشبكات و اتهام المنافسين و الطامحين للوصول للسلطة السياسية بالعمالة تارة للمغرب وتارة أخرى لموريتانيا (شبكة موريتانيا ، شبكة تكنة ، شبكة أولاد موسى ....) والزج بهم في غياهب السجون ، رأت في تسهيل عودة الشباب إلى المغرب وسيلة لتصدير أزمتها، كما أن طول أمد الصراع ووقف إطلاق النار أظهر زيف أطروحة البوليساريو التي أصبحت أصلا تجاريا تغتني من خلاله زمرة من القيادة المتاجرة بمعاناة الصحراويين خدمة لأجندة جزائرية مائة بالمائة، أما العوامل الاقتصادية فتتمثل في تضييق الخناق على التهريب النشاط الرئيسي لسكان المخيمات ، فضلا عن الأزمة الاقتصادية العالمية التي تعاني منها إسبانيا التي تتواجد بها أعداد كبيرة من العمالة الصحراوية التي تتكل على تحويلاتها المالية الكثير من العائلات الصحراوية ، كل هذه العوامل مجتمعة ساهمت في هذا النزيف البشري الذي تعاني منه البوليساريو اليوم والذي يجب أن يتعامل معه المغرب برزانة وتعقل وحلم ، و لا شيء أفضل من نهج الرسول عليه أفضل السلام ليقتدى به عندما جاءته قريش يوم فتح مكة فسألهم : "ما تظنون أني فاعل بكم اليوم؟" فأجابوه: " أخ كريم وابن أخ كريم " فخاطبهم بسماحة ولطف :" إذهبوا فأنتم الطلقاء" .

رحلة العودة من مخيمات لحمادة عودة إلى أرض الوطن:
الانطلاق من مخيمات لحمادة في سيارات رباعية الدفع نحو بئرأم كرين ومنها إلى مدينة الزويرات الموريتانية.
الانطلاق من مدينة الزويرات على متن السكة الحديدية الناقلة لمعدن الحديد نحو أنواذيبو.
من نواذيبو التوجه إلى الحزام العسكري بالنقطة الحدودية الكركرات.
المكوث مدة أقصاها أربعة أيام في ضيافة الجيش من أجل استكمال إجراءات البحث والتحقيق.
النقل إلى مركز استقبال بالمهيريز ومنه إلى الحامية العسكرية بالداخلة .
ربط الاتصال بالمصالح الولائية من أجل الحصول على منح لإنعاش الوطني من أجل السكن و أخرى للعيش تقدم حسب عدد أفراد العائلة البالغين.
الانخراط في الحياة اليومية بعد التسجيل في الحالة المدنية و الحصول على بطاقة التعريف الوطني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق